تعرفنا سابقا على عالم مقاتلي الساموراي، أولئك المقاتلين النبلاء ذووا الشرف الكبير .. وفي هذا الموضوع سوف نتعرف معا على نوع آخر من المقاتلين اشتهروا كذلك في اليابان القديمة، لكنهم على العكس تماما اشتهروا ب (اللا) شرف .... تابعونا
حديثنا اليوم عن النينجا ذلك المقاتل الغامض ذو القوى الخارقة، المتشح دوما بالزي الأسود، حيث لا يظهر منه سوى العينين، والذي لا يدخل إلى مكان إلا متسللا، هو من الشخصيات الأسطورية التي ظهرت واشتهرت أولا في اليابان، قبل أن تنتشر حول باقي العالم، نشاهدها في عصرنا الحالي في العديد من الأعمال الفنية السينمائية والرسوم المتحركة وأيضا ألعاب الفيديو ...
النينجا مقاتلون عاشوا في اليونان القديمة في نفس فترة الساموراي، غير أن أساليب قتالهما وعيشهما، والفئات الاجتماعية التي ينتمون إليها، كانت مختلفة تماما ..
النينجا مرتزقة وجميعهم يعتبرون عميل سري، فقد كانوا يخدمون أي شخص من شأنه أن يدفع لهم بعض المال، سواء كان المال كثيرا أو حتى قليلا، اشتهر النينجا بالخصوص في فترة اليابان الإقطاعية، وهم فئة تنتمي إلى الطبقات الدنيا من المجتمع الياباني القديم، عكس الساموراي الذين ينتمون إلى فئات المجتمع الياباني الراقي ..
النينجا مقاتلون مدربون على شتى أنواع فنون التخفي والتجسس، وقد اشتق اسم مقاتل النينجا من أحد الفنون اليابانية القديمة الشهيرة للدفاع عن النفس وهو المعروف باسم نينجوتسو، والتي تعني باليابانية فن التسلل أو التجسس ... وبالرغم من أن حكام اليابان في القرن السابع عشر الميلادي حظروا ممارسة النينجوتسو، إلا أن النينجا ظلوا يمارسونها سِرّاً، بحيث حافظوا على جميع تقنياتها ...
أساليبهم في القتال لم تكن أبدا شريفة، فقد كانت تتناقض تماما مع الساموراي، الذين يلتزمون بقواعد صارمة للشرف والقتال .. كما كان تجنيد النينجا في الغالب يتم من الطبقات الدنيا فيما كان تجنيد الساموريين يتم من صفوف النخبة.
كان مُقاتلوا النينجا يخضعون لتدريبات خاصة جدا، وكانوا متخصصين في الأساليب القتالية الغير تقليدية، كانوا مبرزين في جميع أنواع القتال، سواء المسلح وغير المسلح، كما أنهم كانوا يلجؤون لاستخدام شتى وسائل التنكر والقنابل والمواد السامة...
عرفت اليابان في تلك الفترة العديد من المواجهات بين العشائر، بحيث لجأ عديدون إلى نهج قانون حرب العصابات والاغتيالات كبديل ثمين للهجوم الأمامي، لهذا لجأوا إلى خدمة أفراد النينجا لأداء الضربات الانتقائية، تجسس، اغتيال والتسلل لمعاقل الأعداء، لقد كان الطلب عليهم كثيرا بخصوص القيام بأعمال التجسس، والاغتيالات وحتى أعمال التخريب وغيرها من العمليات اللامشروعة وغير النزيهة ...
كما كان يتم تسخيرهم لجمع المعلومات من أراضي العدو، بحيث يقومون بتقديم تقارير مفصلة عن العدو ... فقد تم استخدام النينجا لتدعيم أهداف الحرب عن طريق تكتيكات حرب العصابات بما في ذلك الحرائق المتعمدة، وأعمال التخريب، ونصب الكمائن للعدو ... وبسبب أعمالهم غير النزيهة إن لم نقل قذرة، فإن أغلب أفراد النينجا كانوا يخفون هوياتهم، ويفضلون البقاء في الظل ..
من جهة أخرى، وفيما يخص نوعية الأسلحة التي كان يستعملها النينجا، فإذا كان الساموراي وكما شاهدنا في الحلقة الماضية يستخدمون السيوف الطويلة والضخمة في قتال أعدائهم وجهاً لوجه... فإن النينجا كانوا يستخدمون الأسلحة الصغيرة جداً التي يسهل استخدامها مثل تلك الدوائر الحديدية التي شاهدناها مرارا في الأفلام والمسلسلات، لأن هذا النوع من الأسلحة يساعدهم على مباغتة الهدف والقضاء عليه بضربة واحدة فقط ...
على عكس الساموراي الذين كانوا يلبسون ملابس واسعة، فالنينجا كانوا يلبسون ملابس ضيقة والتي تساعدهم على الحركة والتسلل وتسلق الأماكن المرتفعة ...
انتهى عصر الساموراي وانتهى عصر النينجا ... لكن التاريخ أبدا لن ينسى أن هاذين المقاتلين عاشا فترة ذهبية في اليابان القديمة، وإلى اليوم لازالت هوليود وجميع استوديوهات الفن العالمية تخلدهم في أعمالها الفنية ... لقد انتهى زمنهم في الواقع لكن التاريخ أبدا لن ينساهم ..
دمتم في امان الله