لطالما أثار محاربي الساموراي إعجاب الكثيرين، ليس في اليابان فقط وإنما في شتى أنحاء العالم، ولهذا السبب نجد أنهم من أكثر الشخصيات المتكررة سواء في الرسوم المتحركة أو في أفلام السينما العالمية والمسلسلات وغيرها من الأعمال الفنية والأدبية، بل وحتى في ألعاب الفيديو ... وأكيد أنك أيضا عزيزي المشاهد لفت انتباهك هذا الأمر وغالبا أنك طرحت مع نفسك عددا من الأسئلة حول هؤلاء الرجال، سلوكهم القتالي وحقيقة الدور الذي كانوا يلعبونهم في اليابان قديما ..
.
.
في القرن السادس الميلادي، ظهرت في اليابان طبقة جديدة مكونة من محاربين شجعان وأقوياء، أطلق عليها اسم الساموراي، هذه الطبقة والتي ومع مرور السنوات برز نفوذها في البلد، فقد وصل الساموراي إلى ذروة النفوذ في نهاية القرن الثاني عشر واستمروا حتى نهاية القرن التاسع عشر، وذلك عندما أنهى الإمبراطور ميجي الإقطاع في اليابان ..
.
الساموراي وتعني المحارب الذي يضع نفسه تحت الخدمة، هم فئة من المجتمع الياباني كانت تحظى باحترام كبير، تميزوا بأحجامهم الصغيرة وطولهم الذي كان غالبا لا يتجاوز ال 165 سنتيميترا ...
الساموراي هم طبقة وراثية من المحاربين اليابانيين القدامى، هدفهم الأول هو خدمة الإمبراطور والعائلات النبيلة .. عاصروا حقبة الحرس الإمبراطوري في فترة “إيدو” والتي لازال اليابانيون إلى اليوم يفخرون بها .. أطلق عليهم هذا الاسم لتمييزهم عن الرجال الذين كانوا يسهرون على حفظ الأمن، غير أنه وبعد قدوم النظام الإقطاعي في اليابان، ثم تعميم هذا اللقب الذي أصبح يطلق على جميع الفئات العسكرية بما فيها محاربي “الدايميوس” و “الشوغن” .. ولأكثر من ألف عام، كان الساموراي هم القوة المسلحة الوحيدة في اليابان، بحيث كانوا يتدرجون في المراتب العسكرية المختلفة، كما أنهم اعتبروا أقوى المحاربين في العالم في تلك الفترة ... غير أنه وبعد تخلي اليابان عن النظام الإقطاعي عام 1871م، فقدوا نفوذهم ...
الساموراي، هم طبقة مستقلة، وضعوا أنفسهم لخدمة السيد الأول، بحيث يخضع كل فرد لأحد السادة الكبار، إذ يحرصون على تيسير كل الأمور له، وجعله ذو هيبة في البلاد، فقد كانوا شديدي الولاء لسيدهم، وهو الولاء الذي لا يتنازلون عنه إلا بالموت... ظهر دورهم لأول مرة في العام 1615، فقد كانوا موظفين يحملون السلاح، تماما مثل الشرطة في يومنا هذا، يلبسون دوما ملابس خفيفة تسمى الكيمونو ، مع غطاء خاص على الرأس.. كانت مهامهم الأساسية الأخرى تتمثل في إدارة الأراضي والسهر على مصالح أسيادهم في المقاطعات.
أما فيما يخص حياتهم الاجتماعية، فقد كان من الشائع جدا أن يتزوج الساموراي من نساء من عائلات الساموراي للحصول على خط متواصل من الساموراي داخل الأسرة ... حتى أصبحوا يشكلون فئة مهمة من المجتمع الياباني، بحيث أنه خلال فترة سبعينيات القرن التاسع عشر، كانت عائلات الساموراي قد أصبحت تشكل 5٪ من سكان اليابان .
طبقة الساموراي، كان عندهم اعتقاد راسخ بأن روح المحارب تكمن في سلاحه، لذا كانوا حريصين على استعمال أجود الأسلحة من البنادق والرماح والسهام، كما أنهم كانوا يعمدون دوما لاختبار سيوف “الكاتانا” على الجثث للتأكد من جودتها، والكاتانا هي سيوف طويلة جدا، اعتبرت ولسنوات رمزا لمحاربي الساموراي، بل كان هناك اعتقاد شائع بأن سيوف الكاتانا هي روح الساموراي، بحيث لا يجب أن يلمس هذا السيف أحد من دون مالكه، وإلا اعتبر الأمر كمثل إهانة كبيرة ..
الكاتانا أو السيوف الطويلة لم تكن وحدها هي أسلحة الساموراي وإنما كذلك كانوا يحملون سيفا أقصر يسمى واكيزاشي، وكانوا يستخدمونه لقطع رأس العدو، وأيضا في طقوس الانتحار التي تتضمنها قوانين البوشيدو وهي المعروفة عند الساموراي باسم السيبوكو
من جهة أخرى، كانت لدى طبقة الساموراي مكانة عالية جدا في المجتمع الياباني القديم، فقد كانوا على درجة كبيرة من التعليم والثقافة، بحيث تلقوا تعليما جيدا خاصة في علوم الرياضيات والفلسفة، وأيضا كانوا متدينين جدا بحسب الديانات السائدة وقتها في اليابان أهمها البوذية والتي كانت تتوافق معتقداتها مع مبادئ الساموراي ...
كما أنهم كانوا يتبعون قوانين البوشيدو للفضائل العسكرية والبوشيدو تعني روح المحارب، والتي كانت تقوم على اللامبالاة بالألم، والولاء الثابت للقيم، وأيضا الإخلاص والشرف والشجاعة والعدل والرحمة ... الساموراي هو شخص يمتاز أساسا بالصدق والإخلاص، لدرجة أن أداء القسم كان يعتبر انتقاصاً منه، بحيث أن وعده لا يخلف وكلمته هي شرفه الذي يعتبر أغلى شيء عنده ... لقد كانت لديهم قواعد شرف متزمتة جدا، تشبه إلى حد كبير قواعد فرسان العصور الوسطى الذين كانوا في أوروبا ...
في نهاية الحلقة، لا بد من الإشارة والتأكيد على الاختلاف الكبير بين محاربي الساموراي النبلاء والشرفاء ومقاتلي النينجا المرتزقة، والذين كانوا يعتبرون وقتها قتلة مأجورين، ينتمون للطبقات الدنيا من المجتمع الياباني، وهذا ما سوف نتطرق إليه بالتفصيل في موضوع منفصل، حتى لا يختلط الأمر عليك ولنرفع اللبس عنك في التفريق بين الساموراي والنينجا .