أكيد أنك لاحظت يوما، أن الطيور تطير في مواسم الهجرة، وقد اتخذت شكلا منتظما يشبه حرف V .. بحيث تبدو مجموعات الطيور كما لو أنها تطير على شكل رقم 7 أو شكل رقم 8، وذلك بحسب زاوية رؤيتك لها، بيد أن كل طائر يكون مرتفعا قليلا عن الطائر الاخر ..
فهل تساءلت يوما لماذا تتخذ هذا الشكل بالضبط؟
الطيران على شكل الحرف V والذي يشبه بالعربية الرقمين 7 و8، بحسب اتجاه الطيور إن كان من اليمين أو اليسار .. هو الحيلة الذكية التي تَعْمَدُ إليها أسراب الطيور في مواسم الهجرة، لأجل طيران سهل وآمن.. بحيث توصل الباحثون إلى أنه من الأسباب التي تفسر الطيران على هذا الشكل :
هو أن سرب الطيور بهذه الطريقة يتبع القائد الذي يكون في المقدمة في رحلة الهجرة، بحيث يسهل على الطيور في المؤخرة رؤية الطيور في المقدمة
السبب الآخر هو أن الطيران بهذه الطريقة يجعل الرحلة أسهل
وذلك حتى تتمكن أسراب الطيور من قطع مسافات إضافية تقدر على الأقل ب 71% زيادة على المسافة التي يمكن أن تقطعها فيما لو طار كل طائر بمفرده .. كما قدر العلماء في دراسات سابقة أن الطيور توفر طاقة بنسبة 20 إلى 30 بالمئة من خلال طيرانها بشكل حرف V
من جهة أخرى، فإن الطيور عادة ما تهاجر على شكل مجموعات وأسراب في فريق منسجم، بحيث أن وجهتهم تكون واحدة .. والطيران على شكل رقم 7 يجعلهم يصلون بشكل أسهل وأسرع، لأنهم بهذا النسق يشكلون فريقا واحدا يتعاون مع بعضه البعض ..
بحيث أن كل طائر يتخذ موضعا معينا خلال عملية الطيران، إذ أن كل طائر يستغل التيار الهوائي المتولد من خفقان أجنحة الطيور التي تسبقه، وذلك لأجل الحصول على حركة دفع إضافية .. مما يعني أن الطائر الذي في الخلف غير مضطر لأن يرفرف جناحيه كثيرا، مثل الطائر الذي في الأمام .. وهنا تظهر أهمية الطيور التي تكون في المقدمة، على الخصوص الطائر الذي يتقدم السرب ...
حيث أن الطائر في المقدمة، يتقدم السرب إلى الأمام محركا جناحيه إلى الأسفل، مما ينجم عنه تحريك الهواء من الأسفل إلى الأعلى. هذا التيار الهوائي يساعد على رفع الطيور في بقية النسق بدون بذل جهد إضافي.
أما المثير للاستغراب فهو أن الطيور جميعها تحرك أجنحتها بتوقيت محدد لمساعدة بعضها على توفير الطاقة، وذلك من خلال الاستفادة من حركة الهواء المتولدة من تحريك الطيور لأجنحتها من الأسفل الى الأعلى وبالعكس ... وهذا ما أثار استغراب العلماء والمتخصصين، إذا كيف تستطيع هذه المخلوقات مزامنة ضربات أجنحتها بهذه الطريقة المثالية ..
من جهة أخرى، فإنه عندما يحس قائد السرب بالتعب لحَمله العِبء الأكبر من المقاومة، فإنه ينسحب إلى الخلف ويترك القيادة لطائر آخر، وهكذا تتم القيادة بالتناوب وعملية القيادة والتناوب هي من أسرار نجاح عملية الهجرة الجماعية عند الطيور ...
أما الطيور التي تكون في المؤخرة، فإنها لا تتوقف عن الصياح خلال الطيران، وذلك لتشجيع الطيور في المقدمة في الحفاظ على سرعة الطيران ..
أما في حالة ما خرج أحدهم عن المسار أي الشكل 7 فإنه بالتأكيد سوف يواجه صعوبات في الهجرة والطيران، هذه الصعوبات مرتبطة أساسا بقوة الجاذبية وشدة مقاومة الهواء ... لهذا، فإن أي طائر حاول الخروج من السرب، لأجل التحليق وحيدا، فهو سرعان ما يرجع إلى السرب، لأنه يوفر له القوة والحماية.
ختاما، نتمنى أن يكون هذا المقال قد لاقى استحسانكم وأنه كان مفيدة لكم .... دمتم في رعاية الله