عندما قرر الفايكينغ مهاجمة العرب والمسلمين

 


سمعتهم عبر التاريخ سيئة جدا، اشتهروا بالغزوات الكثيرة وبالوحشية، فقد كانوا محاربين أشداء، لقد نهبوا وقتلوا وأحرقوا، عاثوا فسادا في كل أرض وصلوا إليها .

.

الفايكنغ هم شعوب جرمانية نوردية، اشتهروا ببنيتهم الجسدية الممتازة، وببراعتهم الكبيرة في الملاحة وبسفنهم الطويلة، اشتهروا أيضا بالحروب والغزوات، فقد هاجموا السواحل البريطانية والفرنسية، وأيضا أجزاء أخرى من أوروبا، ونقاط متفرقة من العالم، حصل ذلك في الفترة الممتدة من أواخر القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر، وهي الفترة التي سميت في كتب التاريخ ب "حقبة الفايكنغ" ... هم لم يطلقوا على أنفسهم هذا الاسم، بل إنه لقب ارتبط بهم، حيث يقال بأن الفايكنغ في اللغات الاسكندنافية القديمة تعني القراصنة. 

وعلى مر تاريخهم خاض الفايكنغ العديد من المعارك، وقد كانت نهايتهم في معركة  جسر ستامفورد التي وقعت سنة 1066 في إنجلترا... فقد انتهى عصرهم  رسميا بعد هذه المعركة، والتي كانت بقيادة الملك النرويجي "هارالد الثالث" .... 

وبعد نهايتهم، أسسوا ممالك في شبه الجزيرة الإسكندنافية على طول الحدود مع الممالكِ الأوروبيةِ في الجنوبِ. وبعد اندماجهم في أراضيهم الجديدةِ أصبح منهم الحكام والمزارعون والتُجّار. .. وبالتالي  أصبح اسم الفايكنغ،  إشارة إلى سكان المناطق الاسكندنافية عموما والتي تشمل ( السويد، الدانمارك، النرويج وأيضا ايسلندا ) إذ أنهم اعتنقوا المسيحية، واستقروا في هذه الدول، وفي أراضي أخرى هاجموها مسبقاً، بل بنوا مستوطنات جديدة لهم في أمريكا الشمالية وأيسلندا وأيضا جرينلاند .

الفايكنغ كان لهم أيضا تاريخ مع العرب والمسلمين، هذا التاريخ شهدت عليه عدة اكتشافات حديثة، أشهرها في مارس عام 2015 , حين ثم العثور في السويد على رفات امرأة من الفايكنغ في مقبرة قديمة تلبس خاتما، منقوش عليه كلمة (الله) بالخط الكوفي، الاكتشاف كان مذهلا حقا، و كثرت التساؤلات حول ظروف هذا الاكتشاف, كما كثرت كذلك النظريات والآراء والتساؤلات حول كيفية وصول هذا الخاتم ذو النقش العربي الإسلامي إلى السويد، مع العلم أنه لا توجد نهائيا أية دلائل أن العرب وصلوا إلى أراضي الفايكنغ في تلك الفترة.

وهنا عاد المؤرخون   قرونا إلى الوراء، لربط علاقة الفايكنغ بالعرب، خاصة وأنه سبق منذ سنوات طويلة وأن ثم العثور كذلك على دراهم عربية ،  وحتى العصر الحالي، لازالت عمليات الحفر والتنقيب في عدد  من الدول الإسكندنافية،  تُسفِر عن العثور على دراهم عربية مخبأة , حيث أكدت العديد من التقارير، أن النقود العربية  كانت العملة المشتركة بين الفايكنغ في مناطق أيرلندا وشمال إنجلترا من القرن العاشر حتى القرن الثاني عشر.


فكيف كان ذلك ؟

فبالرجوع إلى التاريخ ... وكما أشرنا في المقدمة فإن الفايكنغ ومنذ الفترة الممتدة من القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر, كانوا يجولون مختلف البقاع بسفنهم كغزاة، فقد غطوا مساحات واسعة بغزواتهم.

 في تلك الفترة كان العرب والمسلمون قد وصلوا إلى قمة الحضارة في جميع المجالات, حيث غطت بلاد  المسلمين   مساحات كبيرة من افريقيا وآسيا، تجاوزتها حتى حدود أوروبا، إلى أن وصلت الأندلس التي حكمها المسلمون حوالي 8 قرون ... فكان من الطبيعي أن يطمع الفايكنج في تلك الحضارة المترامية الأطراف، وبدأوا يخططون للاستيلاء على الثروات التي امتلكها المسلمون ولم يضاهيهم فيها أحد في تلك الحقبة . 

بدأ الفايكنج بالإغارة على الأندلس، التي كانت  في تلك الفترة تحت الحكم الأموي , بقيادة عبد الرحمن الأوسط , وذلك باستخدام عشرات السفن , حيث ألحقوا أضرارا كثيرة على مدينة لشبونة، فقد قاموا بتخريب المساجد والبيوت, سرقوا ونهبوا وهتكوا الأعراض ,  حتى وصلوا إلى مدينة أشبيلية , والتي عاثوا فيها أيضا فسادا لأيام عديدة، فأرسل القائد عبد الرحمن الأوسط جيوشه لمقاتلة الفايكنج وطردهم من البلاد، وهذا ما كان، فقد حققت جيوش المسلمين انتصارا عظيما على الفايكنغ، الذين أدركوا أنهم يواجهون جيشا قويا، فانسحبوا منهزمين خائبين بلا رجعة ، وقام بعدها جيش عبد الرحمان الأوسط بتأمين وتحصين الأندلس من هجماتهم المحتملة , غير أنهم لم يعودوا أبدا إلى الأندلس، بعد تلك الهزيمة النكراء.

أما في العصر العباسي, وبالضبط إبان فترة حكم الخليفة ( هارون الرشيد ) الذي كان يحرص على التعامل مع أعراق مختلفة، فقد أقام العرب والمسلمون علاقات تجارية بين شعوب أوروبا ومنهم الفايكنج ، الذين كان يطلق عليهم العرب " روس الشمال " .

ومثل جميع التجار في تلك الفترة, فقد كان تجار الفايكنغ يعملون بنظام المقايضة، أي بضاعة مقابل بضاعة، حيث كانت الفضة في ذلك الوقت ثمينة ومكلفة , وكان التجار العرب والمسلمون يحرصون على الحصول على البضائع الإسكندنافية من الفايكنج مثلا القبعات والمعاطف المصنوعة من فرو الثعالب السوداء،  فيما كان الفايكنغ يحملون معهم البضائع العربية التي كانت غالية الثمن وقتها، من أقمشة، عسل، عطور، وغيرها ... كانوا يحملون معهم كذلك العملة التي كانت سائدة وقتها .

وهذا تفسير منطقي للعملة العربية التي عثر عليها في بلاد الفايكنغ، حيث أن التجار في هذه الفترة كانوا ينقلون الفضة العباسية بكميات كبيرة إلى الدول الإسكندنافية ... وفي هذا الأمر تفسير منطقي لكمية النقود التي لازالت إلى اليوم يعثر عليها في هذه المناطق، وأيضا الاكسسوارات والملابس العربية، فمن الطبيعي أن التجار كانوا ينقلون معهم سلعا عديدة من الدول التي يذهبون إليها.


ختاما، نتمنى أن يكون هذا الموضوع مفيدة لكم ..

 دمتم في رعاية الله...


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-