الحرب الإنجليزية الزنجبارية استمرة لمدة 40 دقيقة


 

هل سمعت من قبل عن حرب دامت فقط دقائق معدودات؟ قد تبدو هذه المعلومة غريبة، لكنها حصلت بالفعل، وأحد أطرافها هو حاكم عربي مسلم .. وقد اعتبرت هي أقصر حرب في التاريخ

.

هي واحدة من أغرب الحروب على مر التاريخ، ويعود السبب في ذلك إلى قِصَر مدتها الزمنية، فعادة ما تستمر الحروب لسنوات طويلة، ولا تتوقف إلا بعد أن تكون قد خلفت خسائر جسيمة في الأرواح والكثير من الخراب، لكن في المقابل هذه الحرب دامت لدقائق فقط، وهي بالتالي تعتبر أقصر حرب في التاريخ، حيث أن نهاية القرن ال19 عرفت قيام حرب دامت فقط 40 دقيقة. .. نعم انتهت بعد 40 دقيقة 

 وقعت هذه الحرب سنة 1896، بشرق إفريقيا وبالضبط جزيرة زانجبار والتي كانت وقتها محمية بريطانية، أما سبب قيامها فيعود إلى الصراع حول السلطة،  حيث أن السلطات البريطانية كانت حريصة على تعيين سلطان قريب منها، بحيث يكون مستعدا لتنفيذ سياساتها خاصة تلك المتعلقة باستعادة الاقتصاد التجاري للجزيرة لقوته، وإلغاء نظام العبودية الذي كان سائدا آنذاك في الجزيرة ... غير أن ظهور أشخاص آخرين يطالبون بالحكم وفي نفس الوقت معادين للسياسة البريطانية، كان يُعَقد الأمر، وكان أبرز هؤلاء الاشخاص المطالبين بالحكم : الأمير خالد بن برغش، وهو ابن السلطان الراحل برغش، والذي كان يرى بأنه الأحق من غيره بالحكم، مع العلم أن قوانين الحكم في زانجبار وقتها لم تكن تجعل من الحكم وراثيا .. 

فبعد وفاة السلطان حمد بن ثويني، طالب خالد بن برغش بالسلطة، غير أن السلطات البريطانية نجحت في إجباره على التنحي، وقامت بتعيين حمد بن ثورين الموالي لها سلطانا على البلاد، كان هذا الاخير في البداية راضخا لإملاءات البريطانيين، قبل أن يقرر سنه 1896 إنشاء قوة عسكرية موالية له فقط، لكنه في يوم 25 أغسطس/آب من نفس العام، مات وبشكل مفاجئ، مما أثار الكثير من الشكوك حول احتمال وفاته مسموما، وأغلب الشكوك كانت تحوم حول خالد بن برغش.

وفاة حمد بن ثورين المفاجئة، أثارت مرة أخرى صراعا آخر على العرش، حيث كان تفكير البريطانيين هذه المرة يدور حول حمود بن محمد، لاعتقادهم أنه سوف يكون سلطانا مرنا وأنه لن يعارض التوجهات البريطانية، خاصة تلك الساعية لأجل إلغاء العبودية، لكن هذه المرة كان خالد بن برغش مصرا على استلام العرش، فقد نصب نفسه سلطانا على زنجبار، واستولى على القصر،  وأحاطه بحوالي 3 آلاف من الجنود المناصرين له، والذين كانوا مدعومين بمدفعية صغيرة ومدعومين كذلك باليخت الملكي المسلح الذي كان يطلق عليه اسم غلاسغو، الذي كان ينتظر في المرفأ القريب من القصر.

من جهته، وكردة فعل الجانب البريطاني أرسل الأدميرال هاري روسون إنذارا كتابيا لخالد بن برغش، أعطاه  فيها مهلة حتى التاسعة من صباح يوم 27 أغسطس/آب عام 1896، وذلك للاستسلام و الخروج من القصر هو وقواته، غير أنه رفض الإنذار وتهديداتهم معتقدا أن البريطانيين سوف لن ينفذوا تهديداتهم. ... غير أنه ومع انتهاء المهلة، وفي تمام الساعة 9 صباحا من صباح يوم 27 أغسطس/آب، أصدر روسون أوامره للسفن الحربية بمهاجمة القصر وإطلاق النار عليه، حيث أنه سرعان ما اشتعلت فيه النيران، وعلى الرغم من أن اليخت غلاسغو أطلق النار ردا على القصف البريطاني، إلا أنه سرعان ما تم إخماد هذه النيران.

بعد 40 دقيقة، توقف القصف البريطاني وذلك بعد أن أسقط حوالي 500 من جنود خالد بن برغش ما بين قتيل وجريح، فيما الخسائر البريطانية تمثلت في إصابة بحار بريطاني واحد فقط بجروح خطيرة، غير أنه تماثل للشفاء مدة وجيزة بعد هذه الحرب القصيرة .. انهارت قوات خالد بن برغش، معلنة هزيمتها وهرب هذا الأخير من القصر حيث لجأ إلى القنصلية الألمانية، وبالتالي استسلمت القوات الموالية له، كما سيطر المشاة البريطانيون والزنجباريون الموالون لهم على الجزيرة ... 

و في عصر ذات اليوم، ثم تعيين حمود بن محمد سلطانا على زنجبار، حيث أنه وافق على الفور على جميع الشروط البريطانية، أهمها المطلب البريطاني المتعلق بإلغاء العبودية التي كانت سائدة آنذاك في البلاد.

من جهة أخرى، سمح الألمان لخالد بن برغش بالعيش في المنفى في البر الرئيسي في دار السلام، وبقي هناك حتى ثم اعتقاله من طرف البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى. 

هذا ولم تحدث أية ثورات أخرى في الجزيرة حتى أنهت بريطانيا وضعها كمحمية سنة 1963.

ختاما، نتمنى أن موضوعنا اليوم كان مفيدا لكم .. دمتم في رعاية الله

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-