خندق ماريانا

 


هو أعمق نقطة في سطح الأرض، خندق مليء بالأسرار والمفاجآت، وواحدة من الغرائب والعجائب التي اكتشفها الإنسان ذات الألغاز التي لا حدود لها والتي يحتويها باطن الأرض..

مرحبا بكم 

خندق ماريانا هو أعمق نقطة في سطح الكرة الأرضية ثم اكتشافها إلى حدود اليوم، سمي بهذا الاسم تكريما لملكة إسبانيا النمساوية ماريانا أرملة ملك إسبانيا فيليب الرابع ... يقع خندق ماريانا في غرب المحيط الهندي تحديدا في شرق جزر ماريانا الشمالية، بالقرب من جزيرة غوام الأمريكية... حيث ضغط الماء على قاع الخندق هائل جدا، يبلغ 703 كيلوغرامات للمتر مربع ... 

والخندق هو مستطيل الشكل، يبلغ طوله حوالي 2542 كيلومتر، فيما يبلغ عرضه 69 كيلومترا ...  أما عمق أبعد نقطة فيه والتي تسمى " تشالنغر" فهو يصل إلى حوالي 11.03 كيلومتر تحت سطح البحر، وهي توجد في الطرف الجنوبي  ...  " تشالنغر " هي النقطة التي كانت في السابق من الصعب قياس عمقها ...  حتى العام 2010، حين استخدمت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا (NOAA)"   تكنولوجيا النبضات الصوتية عبر المحيط، حيث استطاعت بفضل هذه التقنية تحديد عمقها بمسافة قدرها 10 آلاف و994 مترا .... غير أنه وفي سنة 2021 ثم القياس مرة أخرى لكن هذه المرة باستخدام مجسات الضغط، حيث وجد هذه المرة أن أعمق نقطة في " تشالنغر" تبعد 10 آلاف و935 مترا عن السطح، وهناك تقديرات أخرى تقول باحتمال أن المسافة هي أقل ...  ومن جهة أخرى، يضم الخندق كذلك ثاني أعمق بقعة في المحيط الهادي، والتي يطلق عليها اسم "سيرينا ديب"، وهي تبعد 200 كيلومتر عن نقطة تشالنجر، ويبلغ عمقها 10 آلاف و809 أمتار ... 

من جهة أخرى، وفيما يخص المنطقة المحيطة بالخندق، فهي تتميز بالعديد من البيئات الفريدة، تضم منافذ يتدفق منها الكبريت وثاني أكسيد الكربون السائلان، كما يوجد بها كذلك براكين الطين النشطة، والعديد من المخلوقات البحرية التي تكيفت مع الضغط البحري القوي والذي يفوق الضغط عند مستوى سطح البحر بألف ضعف ...



خندق ماريانا بالأساس هو جزء من نظام قوس إيزو-بونن-ماريانا، وهو يُشكل حدوداً بين صفيحتين تكتونيّتين، فهو تشكل بسبب عملية جيولوجية تحدث في مناطق تسمى بمناطق الاندساس، وهي المناطق التي تتكون نتيجة اصطدام صفيحتين هائلتين من قشرة المحيط مع بعضهما البعض، حيث تدفع إحداهما الأخرى فتنزلق تحتها وتغوص في طبقة الوشاح أي الطبقة التي تقع تحت القشرة الأرضية ...  وبسبب تداخل هاتين الصفيحتين تشكل خندق عميق فوق المنعطف في القشرة المغروسة في الأسفل ... وتَشًكُّل خندق ماريانا، كان نتيجة لانزلاق قشرة المحيط الهادي وانثنائها تحت قشرة الفلبين ... فَفِحين كان يبلغ عمر قشرة المحيط الهادي 180 مليون سنة وهي تغوص في الخندق، فإن قشرة الفلبين كانت أقل عمرا وأصغر حجما من قشرة المحيط الهادي ...

وعلى مدى العقود الماضية وإلى اليوم، نظمت العديد من الرحلات العلمية لاستكشاف خندق ماريانا وللتعرف أكثر على أسرار أعماقه السحيقة ...  وبالفعل تمكنت البعثات العلمية من الكشف عن بعض من الحياة المدهشة في أعماق الخندق السحيقة ... 

للأسف أن الغذاء في خندق ماريانا شديد الندرة، وذلك لبعده السحيق عن الأرض، كما أن النباتات الأرضية ناذرا ما تشق طريقها إلى أعماقه ... 

أما أكثر الكائنات شيوعا في أعماق خندق ماريانا، فهي الزينوفايفورا، ومزدوجات الأرجل، وبالخصوص خيار البحر الصغير الذي رصدت منه أعدادا وفيرة ... كما ثم رصد كائن مفترس في المنطقة، وهو سمكة غريبة ذات شكل وديع ومخادع، أطلق عليها العلماء اسم " سمكة حلزون خندق ماريانا " تعيش هذه السمكة في أعماق تصل إلى 8 آلاف متر ... هذه السمكة التي تبدو وديعة من شكلها، فاجأت الباحثين بسبب قدرتها الكبيرة على الهيمنة على المنظومة البيئية، حيث أنها تستطيع السباحة لأعماق تعجز الأسماك الأخرى عن الذهاب إليها، وهي تتغذى جيدا في الخندق، لأنها تستغل ندرة بل شبه غياب المنافسين لها، وتقوم بالتهام الفقاريات الوفيرة التي تسكن قاع الخندق لوحدها .


في ختام هذه الحلقة، لا بد من الإشارة إلى أن خندق ماريانا يقع تحت نفوذ وسيطرة الولايات المتحدة الأميركية، ففي سنة 2009، حدد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الحدود الوطنية البحرية للخندق، والتي بموجبها أصبح الخندق محمية بحرية مساحته506 آلاف كيلومتر مربع تتضمن قاع البحر والمياه المحيطة بالجزر النائية حوله.

ختاما، نتمنى أن يكون هذا الموضوع مفيدة لكم ..

 دمتم في رعاية الله...


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-