حرب البسوس أطول حرب في تاريخ العرب
هي أطول حرب في تاريخ العرب، حرب ثأر وفتنة وحقد دفين، حصلت قبل مجيء الإسلام واستمرت أربعين سنة .... نعم أربعين سنة، مخلفة بذلك خسائر بشرية كبيرة ...... حرب البسوسأشهر حرب ثأر في التاريخ العربي والتي كانت بسبب ناقة .
فما هي القصة؟
كما أن العرب في العصور الجاهلية كانوا معروفين بالكرم والشجاعة والمروءة وصون الشرف، هم أيضا كانوا معروفين بالعصبية القبلية، وبأنهم لا يتركون أبدا ثأرهم مهما كلفهم الأمر من ثمن، هم مستعدين لخوض حروب كبيرة لاستعادة الشرف والكرامة والهيبة، حتى لو كان السبب ناقة ... وهذا ما حصل حقا في حرب البسوس.
انطلقت الحرب عند نهاية القرن الخامس الميلادي بين قبيلتين متجاورتين وهم أبناء عمومة : تغلب بن وائل وكان يحكمها كليب أخو الزير سالم وأحلافها ضد قبيلة بكر بن وائل وكان يحكمها جساس وأحلافها، واستمرت أربعين سنة وهناك بعض الرواة يقولون أنها دامت فقط بضعا وعشرين سنة.
شرارة الحربانطلقت – حسب أشهر رواية عربية – حينما جاءت خالة جساس واسمها البسوس ضيفة عنده، وكانت معها ناقة تدعى سراب، تركتها لترعى مع إبل ابن أختها جساس، غير أن هذه الناقة دخلت في أراضي كليب، وبدأت تأكل وترعى منها، لمحها كليب وعرف أنها ناقة البسوس، واستشاط غضبا فرماها بسهم حتى أدمى ضرعها، واخلتط لبنها بالدم، وماتت.
بعد أن بركت الناقة أرضا، صاحت البسوس صيحتها الشهيرة واذلاه ...
حزنت البسوس حزنا عظيما على ناقتها سراب، فنظمت هذه الأبيات الشعرية الشهيرة:
لَعمرك لَو أصبحتُ في دارِ منقذٍ
لَما ضيمَ سعدٌ وهو جارٌ لأبياتي
وَلَكنّني أَصبحتُ في دارِ غربةٍ
مَتى يعدُ فيها الذئبُ يعدُ عَلى شاتي
فَيا سعدُ لا تغرر بِنَفسك واِرتَحل
فَإنّك في قومٍ عنِ الجارِ أمواتِ
وَدونك أَذوادي فإنّي عنهمُ
لَراحلةٌ لا يَفقدوني بنيّاتي
وَسر نَحوَ جُرم إن جرمًا أعزةٌ
وَلا تكُ فيهم لاهيًا بين نسواتِ
إِذا لَم يَقوموا لي بِثأري وَيَصدقوا
طِعانهم وَالضربَ في كلّ غاراتِ
فَلا آبَ ساعيهم ولا سدَّ فَقرهم
وَلا زالَ في الدنيا لَهم شرّ نكباتِ
فتناقلت القبائل هذه الأبيات، حتى وصلت جساس،فجاءها ووعدها بأن يعوضها بناقة أحسن وأعظم منها، لكنها رفضت وقالت لن ترضى إلا بناقتها، وعدها بأن يعطيها أفضل 10 نوق من عنده لكنها رفضت، وقالت أنها لن ترضى سوى بالثأر .... ورضخ لطلبها ووعدها أنه سوف يثأر للناقة ويقتل كليبا، وهذا ما كان.
ترقبه حتى كان وحده ورماه بسهم أرداه قتيلا، وبلغ الأمر أخاه المهلهل (الزير سالم) فوعد هوالآخر بالثأرلأخيه فنشبت الحرب بين بكر وتغلب لمدة أربعين سنة.
اشتعلت حرب البسوس ما بين القبيلتين (تغلب وبكر)، وتفرقت القبائل الأخرى المجاورة ما بين مؤيد لهذا الطرف ومؤيد للطرف الآخر، حيث حالفت قبائل ثغلب، فيما حالفت قبائل أخرى بكر.
أيام حرب البسوس تختلف في تعدادها الروايات، لكن أشهرها وأكثرها ذكرا في المراجع التاريخية : ستة أيام .
1. يوم النهي : هو أول يوم يلتقي فيه الخصمان، والنهي هو ماء كان بنو بكر نازلين عليه وكان بين المهلهل من قبيلة تغلب ، والحارث بن مرة من قبيلة بكر، فكانت الغلبة لتغلب
2. يوم الذنائب : كانت الموقعة في نفس المكان الذي قتل فيه جساس كليب وكانت الغلبة لتغلب أيضا وفيه قتل شراحيل أخو جساس
3. يوم واردات :في هذا اليوم كانت الغلبة لصالح تغلب، حيث قتل العديد من الرجال البكريين
4. يوم عنيزة : انتهى هذا اليوم بتعادل الطرفين، لا غالب ولا مغلوب
5. يوم القصيبات : في هذا اليوم كانت الغلبة لتغلب وفيه قتل همام أخو جساس
6. يوم تحلاق اللمم: وكانت الغلبة في هذا اليوم إلى قبيلة بكر
نهاية حرب البسوس كانت بعد أربعين سنة، بانتصار قبيلة بكر، حيث أن القوم من القبيلتين شعرا بالملل من الحرب وسئما منها، ولم يعودوا يريدون الاستمرار فيها، فتصالحت ثغلب مع بكر، وهو الأمر الذي رفضه المهلهل أخو كليب، حيث أنه كان مصرا على الثأر لأخيه، لهذا ترك القبيلة وهاجر إلى اليمن، لكنه عاد بعدها ومات فيها ... وانتهت أطول حرب عرفها العرب في الجاهلية.