قصة سيدنا سليمان مع بلقيس ملكة سبأ

قصة سيدنا سليمان مع بلقيس ملكة سبأ



سيدنا سليمان عليه السلام 

نبيٌ من أنبياء الله المرسلين، ذُكر في القران الكريم في أكثر من موضع. كثُرة المواقف والعبر المستفادة من قصصه مع قومه.
 أعطى الله سبحانه وتعالى لسيدنا سليمان عليه السلام مزايا فريدة، وصفات لم توجد في غيره من الأنبياء والرُّسل.
 فهَّمه الله لغة الطير، وكان قادراً على التحكّم بالكثير من المخلوقات والكائنات كالإنس والجن والرياح، والنحاس الذي يَلين بين يديه. سليمان -عليه السلام-أحد أنبياء الله تعالى، وهو ابن النَّبيِّ داوود عليه السلام، من بني اسرائيل وأحد ملوك مملكتهم، وتفترض الروايات إنّه وُلِدَ عام 970 قبل الميلاد وعاش ما يقارب الخمسين عامًا، وكانَ مَلِكًا حكيمًا عظيمًا، وردَ اسمُهُ في القرآن الكريم مرتبطًا ببلقيس ملكة سبأ آنذاك، وكانَتْ قصة سليمان عليه السلام حاضرة في كثير من السور القرآنية كسورة النمل وسورة سبأ وسورة البقرة وسورة الأنعام. بدأت قصة سليمان عليه السلام بقولِهِ تعالى: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ"
ومن المعروف أنّ الأنبياء لا يورِّثُونَ المال فكانَ إرثُ داوود المُلكَ والنبوّةَ التي ورثَها سليمانُ -عليه السَّلام-، فقد حبَاه الله حكمةً وملكًا ما حباه لأحد من العالمين، فسخّر له الطير والريح والجنّ تمشي بأمره، قال تعالى في محكم التنزيل: "وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ".
 كانَ نبي الله سليمان ملكًا من أعظم الملوك التي مرّت على البشرية جمعاء، وكانَ عليه السلام يُرجع كلَّ ملكِهِ لله مالك المُلكِ، وكانَ يدعو لعبادة الله تعالى. 
ومن القصص التي ذكرها لنا القرآن قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع الهدهد، وكان قد اعتاد سليمان عليه السلام أن يتفقد جنده باستمرار، وعندما لاحظ غياب أحد طيوره الهدهد دون علمه وإذنه أقسم على تعذيبه إن لم يأته بعذرٍ عن تغيبه، وقد كان ما أخَّر الهدهد عن مجلس سليمان أنّه شاهد خلال طيرانه قوماً يعبدون الشمس، فتقصَّى أخبارهم، ثم بادر إلى سيدنا سليمان ليعلِمه بما سمع ورأى من قوم سبأ، وحين أخبر الهدهد سيدنا سليمان بأمر قوم سبأ وصفه له وصفاً دقيقاً، قال تعالى: " فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ" 
ملكة سبأ هي بلقيس امرأة تحكم الناس وعندها قصر عظيم وعرش عظيم والأمة هناك كلها ترزخ تحت حكمها.
 ما كان من سيدنا سليمان عليه السلام إلا انه أرسل كتاباً إلى ملكة سبأ ليرى هل كان الهدهد صادقاً في ادعائه أم لا.
 وطلب من الهدهد أن يُلقي بالرسالة على بلقيس. 
وقد تضمّن الكتاب دعوة قوم سبأ إلى الإيمان بالله والخضوع لأمر سليمان، فأخذت ملكة سبأ كتاب سليمان فقرأته ثمّ جمعت وزراء مملكتها وأكابر قومها وشاورتهم فيما استجدّ وما جاء فيه كتاب سليمان، فأخذتهم العزة بالإثم وأشاروا عليها بقتال سليمان وعدم الركوع له؛ إلّا أنّ ملكة سبأ كان لها رأيٌ مخالف؛ حيثُ علمت أنّ صاحب الكتاب ليس كأي ملكٍ أو سلطان، وعرضت على وزرائها وحاشيتها أن ترسل هدية لسليمان تستعطفه بها وتستجلب مودته، ومن خلال تلك الهدية تعرف مدى قوة سليمان وجنده بعد أن يحمل تلك الهدية زمرةٌ من رجالها الأشداء، فينظروا ما وصل إليه ملك سليمان، ثم بعد ذلك تُقرّر هي ما سيكون الأمر إليه بشأن كتاب سليمان.
 أرسلت ملكة سبأ الهدية مع قوةٍ من رجالها، وكانت الهدية تتكون من الحليّ والجواهر الثمينة، حتى إذا وضعوا تلك الجواهر والنفائس بين يدي سيدنا سليمان رفضها، وأظهر عدم حاجته لها، ثم توعّد مملكتهم بإرسال جنودٍ لا قِبَلَ لهم بها حتى يُخرجهم من بلادهم صاغري.
 عاد رسل ملكة سبأ وأخبروا بما حصل لهم، ووصفوا لها قوّته وعظمة ملكه ونيته الوشيكة على غزو مملكتهم، فبعثت حينها إليه تُخبره بأنها ستقدم إليه وتنزل تحت إمرته بعد أن تنظر إلى ما يدعو إليه، وسارت نحو سليمان عليه السلام برفقة جيشٍ عظيم.
 عندما علم نبي الله بقدومها إليه، أمر رجاله بتشييد قصرٍ لها، ثم أراد أن يأتي بعرشها إلى قصره حتى ترى مظاهر قوة سليمان وعظمة ما وصل إليه ملكه، وليكون جلوسها في الصرح دليلاً على نبوته؛ حيث تركته في قصرها واحتاطت عليه بالحرس والأبواب المؤصدة والجنود، فأمر سيدنا سليمان جنوده وخواصه بأن يأتوه بعرش ملكة سبأ بأقرب فترةٍ ممكنة، فتطوّع عفريت من الجن على إحضاره بمدةٍ قصيرة، قال تعالى " قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ". 
فقال عفريتٌ آخر من الجن أنا آتيك به قبل أن يرتد طرفك، قال تعالى " قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ "
وكانت هذه من المعجزات التي منحها الله لنبيه سليمان عليه السلام والتي شكر الله عليها. 
أمر سليمان عليه السلام جنوده بتغيير بعض المعالم في عرش ملكة سبأ ليمتحنها هل تعرفه أم لا، فلما نظرت إليه قالت كأنّه هو، وهذا من غزارة فهمها؛ حيثُ استبعدت أن يكون هو؛ حيث تركته مشيّداً بالحراس والأبواب شديدة الإغلاق، ويبعد في المسافة عن مكان وجود سليمان. 
كما أنّ من الإعجاز أن يكون شبيهاً به لما فيه من تقاربٍ في الشكل والتصميم، فلما تيقنت ملكة سبأ أنّ ذلك عرشها وعلمت بصدق نبوة سليمان آمنت به وتبرأت مما كانت تعبد هي وقومها.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-