ماهي مدينة النحاس الاسطورية- حقيقة أم خيال

مدينة النحاس الاسطورية حقيقة أم خيال




مدينة أسطورية، شغلت العالم، ودارت حولها العديد من الروايات 


انها مدينة النحاس التي وُصفت بالخيالية.
 في فيافي الأندلس بالمغرب الأقصى، قريبا من بحر الظلمات. قصة ذكرها ابن الفقيه الهمذاني، في كتابه كتاب البلدان، واعتبرها من عجائب الأندلس ووصفها بالمدن التي لم يُرى ولم يُسمع لها مثيل. 
وقد سماها أيضاً مدينة البهت، وهي التي تعني مدينة الكذب، وكأنها مدينة خيالية لا وجود لها. 
في يومٍ من الأيام بلغ عبد الملك بن مروان الخليفة الخامس من خلفاء بني أمية والمؤسس الثاني للدولة الأموية. 
خبر مدينة النحاس، فكتب إلى عامله بالمغرب موسى بن نصير رسالة فيها: "بلغني خبر مدينة النحاس التي بناها الجن لسليمان عليه السلام، فاذهب إليها، واكتب إليّ بما تعاينه من العجائب وعجل بالجواب سريعا إن شاء الله" خرج موسى بن نصير بجيشٍ كبير وعدة كثيرة، وخرج معه الأدلاء يدلونه على تلك المدينة، فسافر على غير طريق مسلوك مدة أربعين يوما.
 حتى أشرف على أرض واسعة كثيرة المياه والعيون والأشجار، والوحوش والطيور والحشائش والأزهار، وبدا لهم سور مدينة النحاس كأن أيدي المخلوقين لم تصنعه، فهالهم منظرها. 
فقال موسى بن نصير: "كيف السبيل إلى معرفة ما في هذه المدينة"؟
 فقال المهندسون: "تأمر بحفر أساسها فمنه يمكن أن يُدّخَلَ إلى داخل المدينة".
 فحفروا عند أساس سور المدينة حتى وصلوا إلى الماء، وأساس النحاس راسخ تحت الأرض حتى غلبهم الماء فعلموا أنه لا سبيل إلى دخولها من أساسها.
 ثم قال المهندسون: "يُبْنى إلى زاوية من زوايا أبراج المدينة بنيان حتى يشرف عليها" فقطعوا الصخر وبنوا برجا مقداره ثلاثمائة ذراع حتى عجزوا عن رفع الحجارة وبقي من السور مقدار مائتي ذراع، فاتخذوا من الأخشاب بنيانا على ذلك البنيان حتى وصلوا مائة وسبعين ذراعا ثم اتخذوا سلما عظيما، ورفعوه بالحبال على ذلك البنيان حتى أسندوه إلى أعلى السور.
 وقال الأمير موسى بن نصير: "من صعد إلى المدينة نعطيه ديته".
 فانتدب رجل من الشجعان وأخذ ديته وأودعها 
وقال: "إن سلمت فهي أجرتي وإن هلكت فهي ديتي تدفع إلى أهلي" 
فصعد فوق السلم على سور المدينة، فلما أشرف على المدينة ضحك وصفق بيديه وألقى بنفسه إلى داخل المدينة. 
سمعوا ضجة عظيمة وأصواتا هائلة، ففزعوا واشتد خوفهم وتمادت تلك الأصوات ثلاثة أيام ولياليها ثم سكتت تلك الأصوات فصاحوا باسم ذلك الرجل من كل جانب من العسكر فلم يجبهم أحد. 
فلما يئسوا ندب الأمير رجلا آخر فحدث له مثل ما حدث مع الأول. 
فتقدم رجلٌ من الشجعان بعد أن وُعِدَ بضعف الدية الأولى وقال:
 "أنا أصعد فشدوا في وسطي حبلا قويا، وامسكوا طرفه معكم حتى إن أردت أن ألقي نفسي في المدينة فامنعوني" 
ففعلوا ذلك وصعد الرجل، فلما أشرف على المدينة ضحك وصفق وألقى نفسه فجروه بذلك الحبل والرجل يُجَر من داخل المدينة فانقطع جسد الرجل نصفين، ووقع نصفه من محزمه مع فخذيه وساقيه وذهب نصفه الآخر في داخل المدينة وكثر الصياح والضجيج. 
فقال الأمير: "ربما يكون في المدينة جن يأخذون كل من اطلع على المدينة ". 
فأمر بالرحيل.
 وسار خلف المدينة، فرأى ألواحا من الرخام الأبيض كل لوح مقدار عشرين ذراعا فيها نقش كتاب باللسان المسند فيها أسماء الملوك والأنبياء والتابعة والفراعنة والأكاسرة والجبابرة، ووصايا ومواعظ وذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر أمته وشرفه وشرف أمته وما لهم عند الله عز وجل من الكرامة، وكان عند الأمير من العلماء من يقرأ كل لغة، فنسخوا ما على تلك الألواح ثم رأوا من بعد ذلك، صورة من نحاس فذهبوا إليها فوجدوها على صورة رجل في يده لوح من نحاس وفي اللوح مكتوب :"
ليس ورائي مذهب ، فارجعوا و لا تدخلوا هذه الأرض فتهلكوا" 
وقال الأمير موسى: "هذه أرض بيضاء كثيرة الأشجار والنبات والماء، فكيف يهلك الناس فيها؟".
 فأمر جماعة من عبيده فدخلوا تلك الأرض فوثب عليهم من بين تلك الأشجار نمل عظام، كالسباع الضارية فقطعوا أولئك الرجال وخيولهم وأقبلوا نحو العسكر مثل السحابة حتى وصلوا إلى تلك الصورة فوقفوا عندها ولم يتعدوها فعجبوا من ذلك ثم انصرفوا.
 بعد الجيش عن المدينة فوصلوا بحيرة كبيرة كثيرة الطين والأمواج فيها تلتطم، طيبة الماء كثيرة الطير والشجر المثمر والزهر المختلف ألوانه، فنزلوا حولها وأمر الأمير الغواصين فغاصوا في البحيرة فأخرجوا حبابا من النحاس، عليها أغطية من الرصاص مختومة، ففُتِح منها حبا فخرج منه فارس من نار على فرس من نار وفي يده رمح من نار فطار في الهواء وهو ينادي "يا نبي الله لا أعود"، وفتحوا حبا آخر وآخر وكان نفس الشيء يحدث. وقال الأمير: "ليس من الصواب أن نفتح هذه الحباب لأن فيها جنا قد سجنهم سليمان عليه السلام لتمردهم فأعادوا بقية الحباب إلى البحيرة، ثم أذن المؤذنون لصلاة الظهر فلما ارتفعت الأصوات بالآذان خرج من وسط البحيرة شخص كالآدمي هائل المنظر، وجعل ينظر إلى الناس يمينا وشمالا فصاح به الناس من كل جانب "من أنت يا هذا القائم على الماء؟" فقال: "أنا من الجن الذين سجنهم سليمان في هذه البحيرة، وإنما خرجت لما سمعت أصواتكم لأني ظننت أنه صاحب الكلام".
 قالوا: "من صاحب الكلام؟" 
قال "رجل يمر بهذه البحيرة في كل سنة يوما، فيقف فيذكر الله ويسبح ويقدس ويكبر ويستغفر ويدعو لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات، ثم ينصرف، وأسأله عن اسمه أو من هو فلا يكلمني". 
قيل له: "تظنه الخضر؟". 
قال: "لا أدري".
 قيل له: "كم سجن سليمان من الجن؟" 
قال: "ومن يقدر أن يحصي عددهم؟"، ثم غاب 
عنهم فلما عزموا على الانصراف قال الأدلاء: "أيها الأمير إن الطريق الذي جئنا منه لا يمكن الرجوع منه، لأن الأمم التي حول ذلك الطريق قد علموا بمجيئنا، وقد حالوا بيننا وبين الرجوع عليهم، ولا قدرة لنا على قتالهم ولكننا نعدل إلى جهة أخرى على أمة يقال لها منسك.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-