طواحين الهواء وتوليد الكهرباء


طواحين الهواء وتوليد الكهرباء

فرضت الظروف قديما علي الإنسان ضرورة أن يلجأ إلى استخدام مصادر الطاقة المتوفرة في الطبيعة وإخضاعها لتلبية بعض احتياجاته ضمن ظروف ومستويات التكنولوجيا السائدة عبر مختلف العصور ، ولقد كان الهواء أحد المصادر التي فكر الإنسان بها واستعملها في حياته كمصدر من مصادر الطاقة . فهيا تعالوا معنا نتعرف على تطور استغلال الإنسان لطاقة الهواء عبر العصور.لو عدنا آلاف السنين إلى الخلف لوجدنا أن الإنسان استعمل الطاقة المتوفرة في حركة الهواء والرياح لدفع سفنه في البحار والأنهار ، وليس أدل على ذلك من أن المصريين القدماء برعوا في هذا المجال منذ آلاف السنين حين كانت سفنهم تجوب النيل على امتداد الممالك الفرعونية التي قامت على ضفتيه ، وإلى يومنا هذا حيث مازالت السفن الشراعية قيد الاستعمال في اكثر من بلد . واستمر الإنسان في تطوير السفن الشراعية واستخدام الطاقة الهوائية بشكل متزايد وفوق مساحات واسعة من عالمنا حتى منتصف القرن التاسع عشر حين تم اختراع الآلة البخارية التي أخذت تحل بالتدريج محل الأشرعة لدفع السفن في أعالي البحار ،.وبالإضافة إلى ذلك فان استعمال الإنسان للطاقة الهوائية لم يتوقف عند حدود استعمالها في تسيير السفن الشراعية في الأنهار والبحار ، بل أخذ الإنسان يفكر في اختراع وتطوير آلات وأدوات أخرى يمكنها أن تخدمه في حياته وتعمل بواسطة الهواء . وربما كان أفضل أمثلة استعمال الإنسان للطاقة الهوائية هو اختراع الطواحين الهوائية وتطويرها ، هذه الطواحين شهدت تطورا سريعا وانتقل استعمالها عبر القارات والمحيطات لتشمل أجزاء كثيرة من العالم . ومع نهاية القرن التاسع عشر أخذ الإنسان في التفكير في استخدام الطاقة الهوائية لتوليد الكهرباء ، وإذا كان الحديث يدور في يومنا هذا عن الطاقة الهوائية فان الإشارة غالبا ما تعني استعمال هذه الطاقة في توليد الكهرباء التي يمكن استخدامها بعد ذلك في العديد من الأغراض . غير أن الطاقة الهوائية أبعد ما تكون عن الانتظام في توفرها إذ تعتمد كمية الطاقة الممكن استخلاصها من الهواء على سرعة الهواء نفسه ، والمعلوم أن سرعة الهواء ليست ثابتة بل تتغير بشكل كبير وخلال فترات قصيرة جدا . اتجه تفكير الإنسان نحو استخدام هذه الطاقة لتوليد الكهرباء ، فإذا كان في استطاعة طاحونة الهواء تشغيل مضخة ماء أو مطحنة دقيق فما الذي يمنع من استخدامها في تشغيل مولد كهربائي لتوليد الطاقة الكهربائية ؟ على هذا بدأت المحاولات منذ أواخر القرن التاسع عشر لتوليد الطاقة الكهربائية بواسطة طواحين الهواء التي تدار بالطاقة الهوائية . ويعتبر البروفسور الدانماركي لاكور العالم الرائد في مجال توليد الطاقة الكهربائية بواسطة طواحين الهواء.. لقد أثار توليد الكهرباء الهوائية اهتمام العلماء وشركات الطاقة في الدول الأخرى لكن ما هي الطاقة الهوائية وما مسبباتها ؟ إن الطاقة الهوائية ليست في الواقع إلا إحدى نتائج الطاقة الشمسية ، فالمعروف أن حركة الهواء تتأثر بالعلاقة بين الشمس وتأثيراتها على الغلاف الهوائي المحيط بكوكبنا ، فعندما تسقط أشعة الشمس في منطقة ما فان هذا يؤدي إلى تسخين الهواء ، لكننا نعلم أن الهواء يتأثر بالحرارة بشكل كبير إذ يزداد حجمه وتقل كثافته مع ارتفاع الحرارة ، ويعني هذا في النهاية تقليل وزن عمود الهواء على وحدة المساحة في المنطقة المعرضة للإشعاع الشمسي الكثير ، ويقود هذا بدوره إلى تقليل الضغط الجوي في المنطقة المذكورة ,والعكس صحيح تماما في المناطق التي لا تصلها الشمس كثيرا . وعليه فان الهواء يتحرك من المنطقة ذات الضغط المرتفع إلى المنطقة ذات الضغط المنخفض إن الفرق في الضغط الجوي بين منطقة وأخرى هو في الواقع نظام تخزين للطاقة وفي الحالة فان نظام التخزين هذا هو نظام تخزين للطاقة الشمسية ، إن الهواء هو الوسيط أو الأداة التي تقوم بمعادلة الضغوط ولكن يمكن القول بشكل عام إن المناطق الواقعة على سواحل البحار وعلى قمم الهضاب والتلال هي في العادة من الأماكن المرشحة لنجاح مشاريع الطاقة الهوائية وعليه فإننا نعتقد أن هناك إمكانية لقيام مشاريع الطاقة الهوائية في أجزاء عديدة من العالم العربي وتعمل المولدات الكهربائية في العادة ضمن مجال معين من السرعات ويتأثر أداؤها وربما استمرار عملها بالمحافظة على العمل ضمن هذا المجال من السرعات ، وحين تزداد سرعة الهواء عن حدود معينة يتم إيقاف المولد حفاظا على سلامته . وأما بالنسبة لتخزين الطاقة فالمقصود من ذلك الاحتفاظ بهذه الطاقة تحت أشكال مختلفة بحيث يمكن استعمالها وتوليد الكهرباء من هذا المخزون عند الحاجة ، لذلك ومن أجل التغلب على هذا فقد تم اقتراح أن تستعمل الطاقة الزائدة عن الطلب أو حتى كل طاقة الطاحونة الهوائية لضغط الهواء في خزانات كبيرة تحت الأرض على ضغوط عالية تصل إلى مئات الأرطال على البوصة المربعة ، ثم استعمال هذا الهواء المضغوط لتشغيل توربينات موصولة مع مولدات كهربائية ، وحيث إن سعة خزان الهواء تكون كبيرة في العادة فانه يمكن ضمان أن يكون هناك مخزون من الهواء كاف التشغيل التوربين ومولد الكهرباء لفترة طويلة نسبيا قد تصل إلى حوالي أسبوع .
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-