ثورة سبارتاكوس على العبودية في روما


ثورة سبارتاكوس على العبودية في روما

كوّن جيشه من العبيد، وثار على أقوى الجيوش وكاد أن ينتصر، ويقضي على الإمبراطورية الرومانية ثورة سبارتاكوس على العبودية في روما. حرب سبارتاكوس وهي آخر حرب في سلسلة تمرد العبيد غير المرتبطة، وغير الناجحة في وجه الجمهورية الرومانية، وتسمى سلسلة حروب العبيد الرومانية. للأسف مع التطور الضخم الذي نعيشه، إلا أن الكثير من المجتمعات والدول مازالت تُصنف مواطنيها وتفاضل بينهم على أساس العرق أو الجنس أو الدين، أو حتى المكانة الاجتماعية. كانت ثورة سبارتاكوس على العبودية في روما من أوائل ثورات العبيد في التاريخ وأشهرها. اشتهر المجتمع الروماني قديماً بامتلاك العبيد بشكل كبير، حيث كانت تُشكل أحد أهم القوى العسكرية والاقتصادية في ذلك الوقت. كما اعتمد الرومان على العبيد في القيام بأعمالهم بشكل قسري في كل المجالات مثل الزراعة، والصناعة، وأعمال البناء، وحتى خدمتهم في المنازل، وتعليم أطفالهم. كان العبيد مع كثرة عددهم في روما إلا أنهم يمثلون الطبقة المتدنية فيها، حيث لا توجد لهم أي حقوق، بل كانوا مجرد ملكية يمتلكها صاحبها؛ كأي متاع آخر يمكن امتلاكه. كان العبيد في روما القديمة يعيشون حياة صعبة وقاسية جداً بعيدة عن الإنسانية، وكان العبيد مستسلمين للأمر الواقع حتى ظهر سبارتاكوس وقادهم إلى الثورة. وُلد سبارتاكوس في شمال مقدونيا، وكان يعتبرها الإغريقيون والرومان منطقة غير حضارية بربرية فغزاها الجيش الروماني، وجلبوا معهم العبيد غنائم حرب ومن بينهم سبارتاكوس وزوجته. مع كثرة أعداد العبيد في روما الذي تجاوز عدد الأحرار، كان لابد من وظيفة جديدة للعبيد. فكانت مصارعة العبيد للوحوش حتى الموت، بهدف الترفيه عن المواطنين الأحرار. وهنا نشطت تجارة العبيد بين أصحاب مدارس مصارعي الوحوش، وعاشوا العبيد حياةً أصعب من حياة باقي العبيد، فقد كانوا يتصارعون مع بعضهم أو بعض الوحوش حتى ينتهي النزال بمقتل أحدهم. كان سبارتاكوس يملك جسماً مفتول العضلات وبنية قوية، بالإضافة إلى الذكاء الشديد حسب وصف المؤرخ اليوناني بلوتارخ. عاش سبارتاكوس حياة صعبة مع رفاقه في مدرسة تعاملهم كوحوش تحتاج للترويض، وهنا خطط سبارتاكوس للهرب، واستطاع الفرار مع حوالي 80 من رفاقه بعد أن داهموا مطبخ المدرسة وتسلّحوا بالسكاكين، وقتلوا مدربيهم. بعد هروب العبيد هجموا على قافلة صغيرة تحمل أسلحة واستولوا عليها، ثم همّوا بالفرار على سفوح جبل فيزوف القريب منهم، وهناك انتخب العبيد سبارتاكوس قائداً لهم، ومن هنا بدأت قصة ثورة سبارتاكوس للعبيد في سبيل التخلص من العبودية، وسرعان ما انتشر خبر تمرّد سبارتاكوس على الظلم في المدن المجاورة، وانضم إليه مجموعة كبيرة من الرعاة العبيد، وكوّن جيشاً ضخماً من 70 ألف شخص من الثائرين يهددون بقاء الإمبراطورية الرومانية. استهان القادة الرومانيين بثورة العبيد لاعتقادهم عبيد لا يملكون أي خبرة أو تكتيك عسكري، وأرسلوا إليهم جيش بقيادة العسكري كلادويوس غلابر مع 3 آلاف جندي لمحاصرة المتمردين. استطاع سبارتاكوس التغلب على الجيش الروماني وهزيمته، واغتنام أغلب الأسلحة والمعدات العسكرية الرومانية. وتكرر هذا الأمر ثانية بخسارة الجيش الروماني ضد سبارتاكوس، بعد كل هذه الانتصارات غيّر سبارتاكوس إستراتيجيته إلى الهجوم، وبدأ يتربص للدوريات العسكرية الرومانية والهجوم عليها وأخذ المؤن والأسلحة منهم. كما أصبح يُهاجم القرى الرومانية ويسلب أموالها ويقاتل القوى العسكرية فيها. تسببت سلسلة انتصارات سبارتاكوس في انقلاب المجتمع الروماني على السلطة الحاكمة، وعجزت عن مواجهة العبيد المتمردين، فأصبحت السلطة الحاكمة الرومانية تتعامل مع المتمردين وجيش سبارتاكوس بمنطلق حالة حرب لإنقاذ إمبراطوريتها. استمرت الحروب بعد ذلك بين جيش الرومان وجيش سبارتاكوس حوالي 3 سنوات، وبعد هذه المدة من انتصارات سبارتاكوس ذكرت بعض المصادر التاريخية أن سبارتاكوس قد قُتل ، على الرغم من عدم العثور على جثته. قامت قوات الجيش الروماني بصلب 6 آلاف من العبيد المتمردين، وعرضت جثثهم على طول طريق أبيان في روما القديمة. بهذا كانت نهاية سبارتاكوس الذي كان قريباً جداً من إنهاء حكم الإمبراطورية الرومانية. استطاعت ثورة العبيد التأثير على نظرة المجتمع الروماني للعبودية، حيث بدأ بمعاملة العبيد بطريقة أقل قسوة عما قبل، وتحسنت أحوال العبيد كما صدر قانون بتجريم قتل العبيد العجائز، وغيره من القوانين. بقيت ثورة سبارتاكوس حية عبر العصور، وتناولتها الفنون والأدب، وبقيت سيرته حتى يومنا هذا في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وكان منها فيلم (سبارتاكوس1960).
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-