من هو النمرود ؟



أَوَّلُ جَبَابِرَة الْأَرْض ، إدَّعَى الرُّبُوبِيَّة ، وَحَالِفَ الشَّيْطَان (النمرود) 

رُبَّمَا سَمِعْنَا جميعاً اسْمَ النُّمْرُود ، وَلَكِن ماهي قِصَّةُ هَذَا الْجَبَّار ، وماهي حَقِيقَتِه ؟ 
النُّمْرُود أَوَّل جَبَّار فِي الْأَرْضِ وُلد فِي عَامٍ 2053 قَبْلَ المِيلاَدِ ، اسْمُه النُّمْرُود بْنِ كَنْعَانَ بْنِ كُوشِ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ ، ذُكر فِي التَّوْرَاةِ بِالِاسْم الصَّرِيح كَملْك جَبَّار تَحَدَّى اللَّه . كَانْ يَحْكُمَ بَابِلَ فِي الْعِرَاقِ وعُرفت بَابِل بِحَضَارَتِهَا الْعَرِيقَة . 
يُعتبر النُّمْرُود أَوَّلُ مَنْ وَضْعِ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ ، وَتجْبّر فِي الْأَرْضِ ، وَادَّعَى الرُّبُوبِيَّة ، اسْتَمَرّ مُلْكِهِ مَا يُقَارِبُ أربعمئة سنَّةٌ فطغى وَتجْبّر وعتى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 
حلُم النُّمْرُود فِي نَوْمِهِ فِي يومٍ مِنْ الْأَيَّامِ أَنَّهُ رَأَى كوكباً فِي السَّمَاءِ فَذَهَب ضَوْءِ الشَّمْسِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ ضَوْء ، فَقَال الْكَهَنَة والمنجمون فِي تَأْوِيلِ الْحِلْمِ أَنَّهُ سَيُولَدُ وَلَد يَكُون هَلاكُكَ عَلَى يَدَيْهِ ، فَخَاف النُّمْرُود وَأَمَر بِذَبْح كُلّ غُلَامٍ يُولد فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، وَوُلَد سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ ، فأخفته وَالِدَتَه حَتَّى كَبَّرَ وتحدى عبَادَة النُّمْرُود وَالْأَصْنَام . 
لَم يُذكر اسْم النُّمْرُود صريحاً فِي الْقُرْآنِ ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ هُوَ أَحَدُ الْمُلُوكِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ ذُكَرُوا فِي الْقُرْآنِ ، وَرَبْط بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِصَّةِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَيْنَ أَنَّهُ هُوَ الْمَلِكُ الظَّالِم الَّذِي ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ). 
وَفِي يَوْمِ من الْأَيَّامِ كَانَ يَسِيرُ النُّمْرُود بَيْنَ شعْبَه وَاعْتَاد أَنْ يَسْأَلَهُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَتَكُون إجَابَتُهُم أَنَّه رَبّهِم ، وَعِنْدَمَا سَأَل سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ رَبّكَ قَالَ رَبّي الَّذِي يُحيي وَيُمِيت وَهُنَا بَدَأَت قِصَّةُ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ النُّمْرُود . 
غَضِب النُّمْرُود مَنْ إجَابَة سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ وَقَالَ لَهُ أَنَا أُحيي وأُميت ، وَأَمَر بِإِحْضَار اثْنَيْنِ مِنْ المساجين ، وَأَمَر بإعدام أَحَدُهُمَا وَإِخْلَاء سَبِيل الْآخَر معللاً أَنَّه منح الْحَيَاة لِأَحَدِهمَا وَأَخَذَهَا مِنْ الْآخَرِ . 
قَالَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ للنمرود الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ الشَّرْق فَإِنْ كُنْت رَبَّنَا أَخْرِجَهَا مِنْ الْغَرْب لَو اسْتَطَعْت ، لَمْ يَعْرِفْ النُّمْرُود مَاذَا يُجيب عَلَى سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمُ ، وَبَعْد مُجَادَلَة فَاشِلَة مِن النُّمْرُود مَع سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ وَعَدَم قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّدِّ ، أَمَر بإشعال نَار كَبِيرَة وَرَمْي سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ فِيهَا لإحراقه ، وَلِأَنَّه نَبِيَّ اللَّهِ وَعَبَدَهُ الصَّالِح لَمْ يَكُنْ لِلنَّار تَأْثِيرٌ عَلَى سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمُ بَلْ كَانَتْ برداً وَسَلَامًا ، وَلَم يُصبه أَيْ أَذًى . 
بَعْدَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَصْبَح سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْعُو قَوْمَهُ لِلْإِيمَان بِاَللَّه وَبِوُجُودِه ، وَاتَّبَعَه مَجْمُوعِهِ مِنْ قَوْمِهِ وَآمِنُوا بِدَعْوَتِه . 
خَاف النُّمْرُود مَنْ فَقَدَ السَّيْطَرَة عَلَى شعْبَه وخسرانه مَرْكَزِه وَهَيْبَتِه ، فأعد جيشاً كبيراً لِقِتَال سَيِّدِنَا إبرهيم وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، لَكِن سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ جيشاً مِن الباعوض غَطَّى عَيْنِ الشَّمْسِ ، وَأَكَلَت أَجْسَادُهُم ولحومهم وَدَخَلَت وَاحِدَةٍ مِنْ الباعوض فِي أَنْفِ الْمَلِك الظَّالِم النُّمْرُود . 
بَعْدَ هَذِهِ الْمَعْرَكَة قُلبت حَيَاة النُّمْرُود فَأَصْبَح يشْعِر بِالْأَلَم الشَّدِيد الْمُسْتَمِرّ ، الَّذِي كَانَ لَا يُخَفِّفُه سِوَى الضَّرْب بِالْمَطَارِق عَلَى رَأْسِهِ ، وَاسْتَمَرّ النُّمْرُود الطَّاغِيَة فِي عَذَابِه لِعِدَّة سَنَوَات يُقال أربعمئة سَنَةٍ نَفْس عَدَد سَنَوَات حُكْمُه وَتَجْبُرُه فِي الْبِلَادِ حَتّى مَاتَ مِنْ الْأَلَمِ . 
كَانَتْ هَذِهِ قِصَّة النُّمْرُود الطَّاغِيَة فِي الْأَثَرِ ، وتعلمنا مِنْهَا أَنَّ لَا دَوَام لطاغية أَو مُتَجَبِّر .

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-