الجاثوم
شلل النوم، خرافات الماضي وتفسيرات الحاضر، الجاثوم مابين الحقيقة والخيال.
الجاثوم ظاهرة شائعة، ومع ذلك يعتليها غموضٌ شديد.
يُعتبر الجاثوم إحدى نوبات شلل النوم، وهو شعور بالعجز عن الحركة أو التحدث أثناء النوم، مع رؤية الهلاوس.
أرجعت الثقافات في مختلف أنحاء العالم هذه الظاهرة إلى السحر الأسود، أو الوحوش الأسطورية، أو حتى الظواهر الخارقة للطبيعة. لكن طبعاً العلماء يرفضون هذه التفسيرات. ومع ذلك هذه المعتقدات مازالت سائدة.
يحدث شلل النوم أو الجاثوم بسبب خلل مؤقت في الوظائف الأساسية للدماغ في الفترة بين اليقظة، وسكون حركة العين السريعة، وقد ترى فيها أحلاماً محاكية للواقع إلى حد كبير، وهنا يعمل الدماغ حلاً ذكياً وهو شلل كامل لجسمك بشكل مؤقت وذلك لحماية نفسك من هذه الأحلام وعدم تعريض نفسك للخطر.
لكن في بعض الأحيان يستيقظ الدماغ عن غير قصد، فيصبح الإنسان عالقاً ما بين الحلم والحقيقة، وما بين اليقظة وسكون حركة العين السريعة. وهنا يكون الجاثوم أو شلل النوم، حيث تتسرب الأحلام النابضة بالحياة التي تراها في أثناء حركة العين السريعة إلى وعي اليقظة، مثل أن تشعر أن الحلم حقيقة وقد ترى فيها أشباحاً أمام عينك.
تعددت التفسيرات حول العالم لهذه الهلاوس واختلفت باختلافات ثقافة المجتمع، فمثلاً في مصر يذهب الاعتقاد السائد إلى أن شلل النوم سببه الجن، وهو أمر خارق للطبيعة قد يسبب وفاة الضحية.
أما في إيطاليا يُفسر البعض شلل النوم بأنه اعتداء من كيان يُطلق عليه (باندا فيكي) وهو شبح يظهر على شكل ساحرة شريرة أو قطة عملاقة مثيرة للرعب.
أما عن جنوب أفريقيا أرجعته إلى السحر الأسود (سيجاتي ليلو)حيث تظهر مخلوقات مُخيفة تشبه الأقزام وتُسمى (توكولوشي).
وفي تركيا ترجع الظاهرة إلى (كاراباسان) وهي مخلوقات غامضة تشبه الأرواح.
أما الدنمارك التي فسرت الظاهرة بواقعية اعتبرت ظاهرة شلل النوم ، زاد عوامل خطر فسيولوجية كالتوتر.
وأثبت العلماء العلاقة القوية بين معتقدات الأشخاص عن هذه الظاهرة واستمرارها أو حدوثها معهم وتأثيرها عليهم. فنجد أن 50% من المصريين يخافون هذه الظاهرة وعلى قناعة أن شلل النوم يفضي إلى الموت، وأنها تستمر إلى فترات طويلة فكانت النتيجة زيادة معدل حدوث شلل النوم لهذه الفئة ثلاثة أمثال غيرهم من الأشخاص، وأن معتقداتهم سببت معاناتهم ، وكل من أرجع هذه الظاهرة إلى قوى خارقة للطبيعة عانوا الخوف بشكل كبير وتعرضوا لفترات أطول من شلل النوم.
بناءً على هذه النتائج، يبدو أنه كلما زاد خوف الناس من شلل النوم،زاد تعرضهم له وزادت حدة تأثيراته. فالقلق والتوتر يجعلان الأشخاص أكثر عرضة لنوبة شلل النوم أو الجاثوم.
إذا استمر الشخص بالخوف والتوتر والقلق من شلل النوم تزداد حدته وتستمر الحلقة المفرغة التي أُطلق عليها (نموذج الذعر والهلوسة) في تغذية نفسها حتى يصبح شلل النوم مزمناً ومطولاً، وربما يتطور الأمر إلى مرض نفسي.
وقد أثبتت النتائج الحديثة أن شلل النوم لو ارتبط بمعتقدات معينة قد لا يخلف شعوراً بالخوف فقط ولكن قد يتطور الأمر إلى حدوث صدمة واكتئاب، ويمكن أن تستمر تأثيراته مدة طويلة بعد انتهاء النوبة. وفي حالتهم لا يُعتبر النوم راحة أو هروب من الواقع بل قد يسبب النوم لديهم اضطراب عقلي. عافانا الله وإياكم
أخيراً نحمد الله على نعمة الإسلام الذي علمنا النوم على طهارة، والالتزام بأذكار النوم، ليكون النوم سُباتاً وراحةً لنا.