الحوت الازرق
أكبر الكائنات الحية الحيتان
يحكى أن بحارة كانوا يركبون زورقهم ، وأرادوا أن يستريحوا فرأوا جزيرةً صغيرةً فنزلوا عليها ، وتناولوا طعامهم بعد أن استراحوا بعضاً من الوقت ، ثم أشعلوا نيراناً صغيرة يحتاجون إليها ، فإذا بالجزيرة تهتز من تحتهم ، إذ أن الجزيرة لم تكن سوى حوتٌ كبير نائم ، لم يستيقظ إلا حين لسعته النيران . قد تكون القصة مبالغاً فيها ولكنها تشير إلى ضخامة حجم الحوت يبلغ طول الحوت الأزرق أكثر من ثلاثة وثلاثين متراً ، ووزن لسانه فقط ثلاثة أطنان ، أما معدته فتزن نصف الطن ووزن قلبه ثلاثة أرباع الطن ، رغم أنه لا يدق في الدقيقة إلا سبع دقات ، فدقات قلوب الكائنات تقل كلما زاد حجمها ، فمتوسط دقات الحوت الذي يزن مئة وخمسين طنأ سبع دقات في الدقيقة الواحدة ، بينما متوسط دقات قلب العصفور الذي يزن ثمانية جرامات ( ۱۲۰ ) دقة في الدقيقة ، والحوت ليس من الأسماك وان كان يبدو مثلها في ظاهره ، إذ للحيتان شعيرات غليظة صلبة على أنوفها ، ولها رئات تتنفس بها الهواء وليس لها خياشيم كما الأسماك ، وأمهاتها ترضع أطفالها بلبنها الأبيض الذي يشبه لبن البقرة بعد أن تلدها والحيتان من الثدييات ، أي أنها تلد بعد حمل ، وأثناء ولادة أنثى الحوت تتواجد معها أنثى أخرى لحماية الطفل من سمك القرش ، ويهتم الوالدان بصغارهما منذ الولادة وحتى يشتد عظم الوليد ، ولا يمكن أن يتركا الصغار وحدهم ، والصغار تولد قوية وتستطيع أن تسبح بمجرد أن تولد 0 تسبح الحيتان تحت سطح الماء مباشرة لحاجتها إلى أن تطفو إلى سطح الماء كي تتنفس ، فتطرد الهواء الفاسد وتأخذ غيره عبر فتحة في أعلى الرأس محدثة صوتاً ، وراشةً الماء عالياً ، والأكسجين الموجود في دم الحوت يتيح له أن يبقى مدة طويلة تحت الماء يسبح الحوت مفتوح الفم فيدخل الماء الذي يحمل ملايين الأسماك والحيوانات الصغيرة والنباتات ، ثم يخرج الماء لكن بعد ان يكون الحوت قد أمسك طعامه , فيستطيع الحوت أن يبتلع طعامه تحت سطح الماء دون أن يصل الماء إلى الرئتين . تقوم الحيتان بهجرات طويلة ، فمثلا يقوم الحوت الأحدب بالرحلة من البحار القطبية إلى بحار المنطقة الاستوائية خلال فصل الشتاء ، ثم يعود إلى موطنه بعد انتهاء فصل الشتاء حيث يكثر الغذاء . ولقد شغل العلماء بهذه الظاهرة ( الهجرة ) وقد اكتشفوا أن رأس الحوت به مغناطیس صغير ، يعمل بالتجاوب مع مغناطيس الكرة الأرضية الرئيسي ، ولذلك فإن الحوت لا يخطئ اتجاهه في البحر مادام المغناطيس سليماً ولا يضل الطريق إلا إذا تلف هذا المغناطيس ، ومهما كانت الظروف الجوية أو المناخية صعبة ورغم كثرة التيارات المائية أو الأعاصير العنيفة سواء بالليل أو النهار ، فإنه يقطع عدة آلاف من الأميال ذهاباً وإياباً . وتقوم الحيتان في مرحلة من العمر بالتوجه إلى الشواطئ الضحلة فإذا انحسر عنها الماء اختفت وماتت منتحرة عن عمد واصرار ، ويعلل العلماء ذلك بسوء حالتها النفسية . وإذا كانت الحيتان في مرحلة من العمر تسوء حالتها النفسية فانها أيضاً تكون سعيدة أحيانا أخرى ، فترقص وتغني وتلهو وتلعب ، ومن الحيتان التي يبدو عليها ذلك الحوت الاحدب وهو ليس أحدب بالفعل ، ولكن اكتسب هذا الاسم بسبب اسلوبه في تقويس ظهره عندما يغوص في الماء فمن يراه يظن أنه أحدب ، وهذا الحوت أشهر وأرشق وأمهر حيوان مائي في القفز فوق الماء والغوص فيه ، فهو يتوجه من أعماق المحيط الى السطح بسرعة كبيرة ، ويضرب المياه بذيله الضخم ، ويعتمد على عضلاته الانسيابية وزعنفتيه ، حتى يرتفع فوق سطح الماء ويغوص مرة أخرى في رشاقة وأحيانا تقترب بضعة حيتان من بعضها وتسبح سوياُ في خط متواز ، ثم تبتعد عن بعضها في دوائر متساوية ، وتعود إلى خطها الأول ، وقد حاول العلماء تفسير ذلك فقالوا إنها مراسم للتزاوج ، والبعض يرى أنها وسيلة لخداع السمك ، ويرى البعض أنها وسيلة للتخلص من الفطريات التي في أجسامها ، ومنهم من يرى انها نوع من الرياضة والمرح . وهذه الحيتان أيضا منها ما يغني ، فيصدر أصواتاً موسيقية فيها انسجام وتناسق ، ويرى البعض أن هذا الغناء وسيلة للاتصال بين الحيتان . وتحتفظ الحيتان بدفئها عن طريق نمو طبقة سميكة من الدهون بين الجلد واللحم تكون غطاء يحتفظ بدرجة الحرارة ، وتزيد هذه الطبقة في الحيتان التي تعيش في المناطق القطبية الباردة وتقل في الحيتان التي تعيش في المناطق الاستوائية . الحوت الماكر... من الحيتان نوع يقال له ( موفي) ضعيف الجسد قليل القوة ، إذا جاع خرج إلى الشاطئ فاستلقي على الرمل وأقام شوكة في راسه ، فإذا رآه حوت آخر جاء إليه مسرعاً ليأكله ظاناً أنه ميت فيدخل بطنه تلك الشوكة فيقتله بها ويأكله . وإذا حاول الصياد ان يصطاده ، فإنه يدافع عن نفسه بهذه الشوكة ، إذا أصابت يد الصياد تؤذيه فيترك صيده ، أما إذا أصابت السنارة أضلاع الحوت فإن الظلمة تغلب على بصره ويموت من ساعته . الحوت الذكي نوع من الحيتان يتميز بصغر الحجم وانواعه كثيرة تصل إلى حوالي مئة نوع, وهو يستطيع أن يسبح لمسافة خمسين كيلو متراً في الساعة ,ويعتبر أذكى الحيوانات وهو محب للإنسان ومخلص له وقد استغل الإنسان هاتين الصفتين الإخلاص والذكاء في ترويضه وتدريبه على كثير من الألعاب الرياضية بل أمكن استعماله في بعض الأغراض الحربية البحرية . منذ القرن التاسع الميلادي بدأ الإنسان يصيد الحيتان بمراكب صغيرة تطورت إلى أساطيل قوية في العصور الحديثة كان يراقبها عن طريق تنفسها فكان يصيح ( إنها تنفخ .. إنها تنفخ ) حين كان يرى نافورة المياه المنبعثة من الحوت ، وكان يحتاج إلى زيته وشحمه لاستخدامه في الإنارة والشمع والطباعة والدباغة ومستحضرات التجميل .