غزوة مؤته :معركة طاحنة بين المسلمين والروم في عهد الرسول(ص)بقيادة خالد بن الوليد | أبهرت حتي الاعداء

 



هي تلك الحرب العظيمة، التي صدقت فيها المقولة الشهيرة "كم فئة قليلة هزمت فئة كبيرة "، حين لقن المسلمون درسا عظيما في القتال لجيش الروم، ختموه معهم بأذكى خطة انسحاب في تاريخ الحروب القديم  ... الحديث هنا عن حرب مؤتة

.

.

وقعت حرب مؤتة في شهر جُمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة النبويّة، في عهد النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهي تعتبر واحدة من أعظم الحروب التي خاضها المسلمون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.. كما أنها تُعتبر في التاريخ الإسلامي حدثا عظيما جدا، لأنها تعتبر هي الحرب الممهدة لفتح بلاد النصارى ...  ومؤتة هي قرية تقع في أدنى الشام  ...  

أما عن أسباب هذه الحرب فهي ترجع بالأساس إلى التوتر الكبير الذي ميز علاقة المسلمين بالروم في تلك الفترة، حيث أن هذه الأخيرة وحلفاؤها كانوا يتعمدون مضايقة المسلمين بمختلف أنواع الطرق والوسائل ...


وكان من بين وسائل المُضايقات: هي محاولات التعرّض لقوافل المسلمين التجارية القادمة من الشام، بغرض سلبها ونهبها  ...  كما كانوا يتعمدون مضايقة كل المسلمين الذين يلقوهم في الطريق، غير أن مضايقات الروم للمسلمين وصلت أقصى مداها، حين أرسل الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحارث بن عمير الأزدي إلى ملك بصرى بغرض دعوته إلى اعتناق الإسلام، فما كان منه إلا أن أمر بقتله، حيث قام شرحبيل بن عمرو الغساني بضرب عنقه، ويعتبر الحارث بن عمير هو أول مبعوث للإسلام يقتل ...

 خلف هذا الحدث حزنا كبيرا في قلب الرسول ص، وكان هو النقطة التي أفاضت الكأس، وعليه أمر النبي – ص - بتجهيز جيش كبير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل لقتال الروم وصدّهم عن أفعالهم الشنيعة ... وقد كان هذا هو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع مثله قبل ذلك إلا في غزوة الخندق ...  

استعد جيش المسلمين للخروج، وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم، زيد بن حارثة قائدا على الجيش، وقال: (إن قُتل زيد فجعفر، وإن قُتل جعفر فعبد الله بن رواحة)، وعقد لهم لواءً أبيضاً، وأعطاه إلى زيد بن حارثة ...  وقال لهم: (اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناء). وقد خرجت نساء المسلمين لتوديع أزواجهن وهن يقولون ((ردكم الله إلينا صابرين)) فرد عبد الله بن رواحه وقال ((أما أنا فلا ردني الله)). 

وعند مدينة مؤتة توقف المسلمون، وكان قوام جيش الغسانين والروم مئتا ألف أي أضعاف مضاعفة عدد جيش المسلمين ... كان يحمل راية المسلمين زيد بن حارثة، الذي قاتل بضراوة بالغة، حتى أصابه رمح فخر صريعاً، وبعده حمل الراية جعفر بن أبي طالب، الذي أبلى بلاء عظيما في هذه الحرب، حيث قاتل بضراوة شديدة، لدرجة أن فرسه الشقراء أرهقها القتال فنزل عنها فعقرها رحمة بها، ثم ظل يقاتل  حتى قطعت يده اليمنى، فحمل الراية بيده اليسرى، وبعد أن قطعت يده اليسرى احتضن الراية بعضديه، فضل رافعا إياها حتى قتل، ويقال إن رومياً ضربه ضربةً شطرته إلى نصفين، وكان أن أثابه الله على حسن بلاءه بجناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء، ولذلك سمي بجعفر الطيار، وبجعفر ذي الجناحين، وبعد مقتله أخذ الراية عنه عبد الله بن رواحة، الذي أبلا هو الاخر بلاء حسنا في الحرب، إلى أن قتل كذلك، فتقدم رجل من بني عَجْلان ـ اسمه ثابت بن أقرم، فأخذ الراية وبدأ ينادي : يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، أجابهم : ما أنا بفاعل ... فاصطلحوا على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريراً، حيث أظهر خالد بن الوليد مهارته في تخليص المسلمين مما لقوه في تلك المعركة. .. 

اختلفت الروايات كثيراً فيما آل إليه أمر هذه المعركة أخيراً، غير أن المؤكد هو أن خالدا بن الوليد نجح في الصمود أمام جيش الرومان ... حيث أظهر حنكة حربية لا مثيل لها، إذ لجأ إلى الحرب النفسية ضد العدو، حيث أمر عددا من الفرسان بإثارة الغبار خلف الجيش، وأن تعلوا أصواتهم بالتكبير والتهليل دون توقف، كما عمد إلى تبديل الرايات وأيضا تغيير أوضاع الجيش، فجعل مقدمته هي المؤخرة، وميمنته ميسرة، وهكذا دواليك ... مما خلق ارتباكا كبيرا في صفوف العدو، حيث فهموا أن المسلمين يخدعونهم ويدبرون لهم مكيدة بذلك ... اشتعل القتال، وأمر خالد بن الوليد بمواصلة الهجوم على الروم، حتى وصلوا خيمة قائدهم، بعدها أمر خالد الجيش بالانسحاب بطريقة منظمة، وقد عمد إلى أن  يتأخر بجيش المسلمين قليلاً، مما جعل الروميون يعتقدون أنها مكيدة من المسلمين وأنه لا محالة أمر مريب يدبر لهم، وعليه لم يتبعوهم ظناً منهم أن المسلمين يخدعونهم، وبالتالي نجح المسلمون بقيادة خالد بن الوليد في العودة إلى المدينة سالمين، في واحدة من أروع خطط الانسحاب، وذلك بعد أن لقنوا جيش الروم الضخم درسا في الحرب والقتال لن ينسوه أبدا ..  وقد كان مستغرباً جداً أن ينجح هذا الجيش الصغير في الصمود أمام ذلك الجيش الكبير من الروم، لكنها كانت العزيمة والإيمان الشديد بالله وحنكة خالد بن الوليد، الذي أطلق عليه الرسول ص بعد هذه الحرب اسم " سيف الله المسلول "

.

ختاما، نتمنى أن تكون معلومات اليوم قد لاقت استحسانكم وأنها كانت مفيدة لكم ... دمتم في رعاية الله.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-